«أَنَّهُ لَمَّا اشْتَدَّ الْمَرَضُ بِسَیِّدَةِ النِّسَاءِ دَخَلَ عَلِیٌّ وَ عِنْدَهَا وَلَدَاهَا … فَقَالَتْ: یَا ابْنَ عَمِّی وَ یَا بَابَ مَدِینَةِ عِلْمِ النَّبِیِّ وَ یَا زَوْجِی فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ یَا صَاحِبَ السُّلَالَةِ الطَّاهِرَةِ أُوصِیکَ مِنْ بَعْدِی بِحِفْظِ هَذَیْنِ الْوَلَدَیْنِ فَهُمَا قُرَّتَا عَیْنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ کَفَاهُمَا مَا لَقِیَاهُ مِنْ فِرَاقِ جَدِّهمَا وَ عَنْ قَرِیبٍ یَفْقِدَانِ أُمَّهُمَا…
فَبَکَى عَلِیٌّ وَ قَالَ: یَا بِنْتَ الْمُصْطَفَى وَ یَا سَیِّدَةَ النِّسَاءِ رُوحِی لِرُوحِکِ الْفِدَاءُ. یَا بِنْتَ الْبَشِیرِ النَّذِیرِ وَ مَنْ أَرْسَلَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِینَ. فَلَمَّا عَرَفَت[فاطمه] الرِّضَا مِنْ الْمُرْتَضَى قَالَتْ: إِذَا فَرَغْتَ مِنْ أَمْرِی وَ وَضَعْتَنِی فِی قَبْرِی فَخُذْ تِلْکَ الْقَارُورَةَ وَ الْحُقَّةَ وَ وَضَعَهُمَا فِی لَحَدِی…
سَأَلَهَا عَلِیٌّ مَا فِی هَذِهِ الْحُقَّةِ فَفَتَحَهَا فَإِذَا فِیهَا حَرِیرَةٌ خَضْرَاءُ وَ فِی الْحَرِیرَةِ وَرَقَةٌ بَیْضَاءُ فِیهَا أَسْطُر مَکْتُوبَة وَ النُّور یَلْمَعُ.
قَالَتْ: یَا أَبَا الْحَسَنِ لَمَّا زَوَّجْنِی مِنْکَ أَبِی کَانَ عِنْدِی فِی لَیْلِ اَّوَاجِ قَمِیصَانِ أَحَدُهُمَا جَدِید وَ الْآخَرُ عَتِیق مُرَقَّعٌ فَبَیْنَمَا أَنَا عَلَى سَجَّادَةٍ إِذْ طَرَقَ الْبَابَ سَائِلٌ وَ قَالَ: یَا أَهْلَ بَیْتِ النُّبُوَّةِ وَ مَعْدِنَ الْخَیْرِ وَ الْفُتُوَّةِ جَرَتْ الْعَادَةُ فِی النَّاسِ یَقْصِدُونَ بُیُوتَ الْأَعْرَاسِ لِأَنَّهَا لاَ تَخْلُو مِنَ الطَّعَامِ لِمَنْ حَضَرَ مِنْ الْخَاصِّ وَ الْعَامِّ وَ إِنْ کَانَ عِنْدَکُمْ قَمِیصٌ خَلق فَإِنِّی بِهِ جَدِیرٌ لِأَنِّی رَجُلٌ فَقِیرٌ یَا أَهْلَ بَیْتِ مُحَمَّدٍ فَقِیرکُمْ عَارِی الْجَسَدِ.
فَعَمَدَتُ إِلَى الْقَمِیصِ الْجَدِیدِ فَدَفَعْتُهُ إِلَیْهِ وَ لَبِسْتُ الْقَمِیصَ الْخَلِقَ.
قَالَتْ: یَا أَبَا الْحَسَن! فَلَمَّا أَصْبَحْتُ عِنْدَکَ بِالْقَمِیصِ الْخَلِقِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَیَّ فَقَالَ: یَا بُنَیَّة أَ لَیْسَ قَدْ کَانَ لَکِ الْقَمِیصُ الْجَدِید فَلِمَ لاَ تلبسیه؟
فَقُلْتُ: یَا أَبَتِ تصدقتها لِسَائِلٍ فَقَالَ: نِعْمَ مَا فَعَلْتِ وَ لَوْ لَبِسْتِ الْجَدِیدَ لِأَجْلِ بَعْلکِ وَ تَصَدَّقْتِ بِالْعَتِیقِ لَحَصَلَ لَکِ بِالْحَالَیْنِ التَّوْفِیقُ.
قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ بِکَ اهْتَدَیْنَا وَ اقْتَدَیْنَا إِنَّکَ لَمَّا تَزَوَّجْتَ بِأُمِّی خَدِیجَة وَ أَنْفَقْتَ جَمِیعَ مَا أَعْطَتْکَ فِی طَاعَةِ الْمَوْلَى حَتَّى أَفْضَت بِکَ الْحَالُ أنْ وَقَفَ بِبَابِکَ بَعْضُ السَّائِلِینَ فَأَعْطَیْتَهُ قَمِیصکَ وَ الْتَّحَفْتَ بِالْحَصِیرِ حَتَّى نَزَلَ جَبْرَئِیلُ [بِنزُولِ آیة فی شَأنِکَ]. فَبَکَى النَّبِیُّ ثُمَّ ضَمَّنِی إِلَى صَدْرِهِ فَنَزَلَ جَبْرَئِیلُ وَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ یُقْرِؤُکَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَکَ: اقْرَأْ عَلَى فَاطِمَةَ السَّلَامَ وَ قُلْ لَهَا: تَطْلُبُ مَا شَاءَتْ وَ لَوْ طَلَبَتْ مَا فِی الْخَضْرَاءِ وَ الْغَبْرَاءِ وَ بَشّرْهَا أنِّی اُحِبُّهَا.
فَقَالَ لِی: بُنَیَّة إنَّ رَبَّکِ یُسَلِّمُ عَلَیْکِ وَ یَقُولُ لَکِ اطْلُبِی مَا شِئْتِ.
فَقُلْتُ: یَا أَبَتَاهْ قَدْ شَغَلَنِی لَذَّةُ خِدْمَتِهِ عَنْ مَسْأَلَتِهِ لا حَاجَة لِی غَیْرُ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِهِ الْکَرِیمِ فِی دَارِ السَّلَامِ.
فَقَالَ: یَا بُنَیَّة ارْفَعِی یَدَیْکِ فَرَفَعْتُ یَدَیّ وَ رَفَعَ یَدَیْهِ وَ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأُمَّتِی وَ أَنَا أَقُولُ: آمِینَ. فَجَاءَ جَبْرَئِیلُ بِرِسَالَةٍ مِنَ الْجَلِیلِ: قَدْ غَفَرْتُ لِعُصَاةِ أُمَّتِکَ مِمَّنْ فِی قَلْبِهِ مَحَبَّةُ فَاطِمَةَ وَ أبیها وَ بَعْلِهَا وَ بَنِیهَا.
فَقَالَ: أُرِیدُ بِذَلِکَ سِجِلًّا فَأَمَرَ اللَّهُ جَبْرَئِیلَ أَنْ یَأْخُذَ سندسةً خَضْرَاءَ وَ سندسةً بَیْضَاءَ وَ کَانَ فِیهِمَا: کَتَبَ رَبُّکُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ( الانعام: ۵۴) وَ شَهِدَ جَبْرَئِیلُ وَ مِیکَائِیلُ وَ شَهِدَ الرَّسُولُ وَ قَالَ: یَا بُنَیَّة یَکُونُ هَذَا الْکِتَابُ فِی هَذِهِ الْحُقَّة فَإِذَا کَانَ یَوْمُ وَفَاتِکَ فَعَلَیْکِ بِالْوَصِیَّةِ أَنْ یُوضَعَ فِی لَحْدِکِ فَإِذَا قَامَ النَّاسُ فِی الْقِیَامَةِ وَ انْقَطَعَ الْمُذْنِبُونَ وَ سحبتهم اَّبَانِیَةُ إِلَى النَّارِ فَسَلِّمِی الْوَدِیعَة إِلَیَّ حَتَّى أَطْلُبَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیَّ وَ عَلَیْکِ فَأَنْتِ وَ أَبُوکِ رَحْمَةٌ لِلْعَالَمِینَ.»
درباره این سایت